اليوم تعلن ساعة الصفر لتنفيذ رؤيتنا ومنظومتنا الاقتصادية العابرة للحكومات والمحملة بالامل والطموحات والتفاؤل لمواجهة التحديات والمعيقات التي تقف أمام اقتصادنا الوطني وتبطئ عجلة نمونا الاقتصادي، والتي لزاما علينا معالجتها ووضع الحلول لتجاوزها وصولا الى مستقبل مشرق ومطمئن ومريح للأجيال القادمة.
ولأنه لا نستطيع الانطلاق نحو المستقبل وتحقيق طموحاتنا واستغلال الفرص المتاحة دونما استراتيجية ومنظومة عمل واضحة المعالم لمواجهة كافة التحديات والمعيقات التي تواجهنا حاليا ومستقبلا، جاءت التوجيهات الملكية للديوان الملكي بتشكيل ورشة عمل اقتصادية بالتزامن مع الجهود التي تبذلها المملكة في الاصلاحات السياسية والادارية، يتشارك في وضعها ورسم ملامحها مختلف القطاعات بالشراكة والتشاركية، وهذا ما كان فعلا وشهدناه على مدار الشهور الماضية والتي تتكلل اليوم نتائجها وتوصياتها ورؤيتها على يد مجموعة من الخبراء والمختصين وممثلي القطاعين الخاص والعام كان عنوانهم اثناء العمل والنقاشات خبراتنا وقدراتنا في «الانتقال الى المستقبل».
اليوم وفي البحر الميت سيشهد جلالة الملك عبدالله الثاني اعلان نتائج رؤية التحديث الاقتصادي والتي انبثقت عن مخرجات ورشة العمل الاقتصادية الوطنية التي شارك في اعدادها ما يقارب 500 مشارك من مختلف الفعاليات الاقتصادية، ليتم الاعلان سريعا عن بدء تنفيذها وترجمتها على ارض الواقع بشكل يلمسه مختلف المواطنين والقطاعات والمستثمرين دونما اي مماطلة او تأجيل او تأخير، فنحن لا نمتلك رفاهية الوقت او الانتظار في ضوء المتغيرات الكثيرة والتطورات العالمية التي بدأت تعصف في اقتصاديات العديد من الدول.
ما يجعلني مطمئنا هذه المرة ولهذه الرؤية تحديدا انها عابرة للحكومات، وخاصة بعد ان شهدنا عشرات الخطط والاستراتيجيات التي كانت سرعان ما تصطدم بتغير واضعيها او الحكومة التي اشرفت على اعدادها، فالرؤية التي سيعلن عنها اليوم سيكون تنفيذها الزاميا على الحكومة الحالية والقادمة وغيرها وصولا الى تحقيق كافة اهدافها ونتائجها على ارض الواقع وبشكل يلمسه الجميع واولهم الاقتصاد الوطني الذي اهدر من امامه الكثير من الفرص نتيجة تغير الخطط والاستراتيجيات وغيرها.
الورشة الاقتصادية والقائمون عليها تناولوا مختلف القطاعات وباشكالها المختلفة وارتباطاتها الاقتصادية ووصل عددها ما يقارب 15 قطاعا وأبرزها الصناعة والتجارة والنقل والسياحة والمالي والتأمين والزراعة والطاقة والمياه والتعليم وسوق العمل والتنمية الحضرية والتغير المناخي والرعاية الصحية والصناعات الإبداعية والتعدين.
الاردن اليوم أمام فرصة تاريخية لا تحتمل اي تباطؤ او تخاذل او تخوف من اتخاذ القرار او غياب للمسؤولية أو الواسطة والمحسوبية، فالانتقال الى مستقبل مطمئن ومريح يحتاج الى الهمم واتخاذ العبرة من اخطاء الماضي والبدء فورا باعتماد هذه الرؤية كخارطة طريق اقتصادية وطنية محصنة من اي عثرات، وصولا الى تأمين مستقبل الاجيال المقبلة التي ستحاسبنا على هدر المزيد من الفرص في حال اضعنا هذه الفرصة الثمينة التي ربما لن تتكرر.